انتبه الموت قادم !!
''
قال تعالى :كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ .
كلا إذا بلغت التراقى .. إذا بلغت الروح الحلقوم..
وقيل من راق : من الذى يرقيه؟ من الذى يبذل له الرقية؟
من الذى يقدم له العلاج؟ من الذى يحول بينه وبين الموت؟
أنظر إليه!!
وهو من هو؟ صاحب السلطان!
صاحب الأموال! صاحب السيارات.. صاحب العمارات .. صاحب الوزارات..
أنظر إليه وهو على فراش الموت .. التف الأطباء من حوله .. ذاك يبذل له الرقية .. وذاك يقدم له العلاج .. يريدون شيئاً، وملك الملوك قد أراد شيئاً آخر..
أنظر إليه أيها الحبيب أصفر وجهه وشحب لونه وبردت أطرافه وتجعد جلده وبدأ يحس بزمهرير قارس يزحف إلى أنامل يديه وقدميه. يحاول جاهداً أن يحرك شفتيه بكلمة التوحيد فيحس أن الشفة كالجبل لا يريد أن يتزحزح إلا لمن يسر الله له النطق بـ لا إله إلا الله.
إلا لمن عاش على الإيمان ومات على الإيمان كما قال ربنا جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ .
وينظر إلى أهله .. إلى أحبابه .. فيراهم مرة يبتعدون ومرة يقتربون ويرى الغرفة التى هو فيها مرة تضيق عليه فتصير كخرم إبرة ومرة يراها كالفضاء الموحش.
فإذا وعى ما حوله .. فى الصحوات .. بين السكرات والكربات .. نظر إليهم نظرة استعطاف.. نظرة رجاء .. نظرة أمل .. نظرة تمن وقال لهم بلسان الحال بل وبلسان المقال:
يا أحبابي .. يا أولادى .. يا أبنائى .. لا تتركونى وحدى ولا تفردونى فى لحدى.. أنا أبوكم .. أنا حبيبكم .. أنا الذى بنيت لكم القصور .. أنا الذى عمرت لكم الدور.. أنا الذى نميت التجارة .. أنا صاحب الجاه .. أنا صاحب الوزارة .. أنا صاحب السلطان .. أنا صاحب الأموال .. أنا صاحب الكرسى .. أنا .. من أنا .. لا تتركونى وحدى.. ولا تفردونى فى لحدى!!
فأفدونى بأعماركم .. من منكم يزيد فى عمرى ساعة أو ساعتين؟!
وهنا يعلو صوت الحق كما قال الله وجل وعلا:
فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.
اللهم اختم بالصالحات أعمالنا واجعل خير أيامنا يوم نلقاك .