رحبة المسـجـــد
------------------->
اختلف أهل العلم في الحاقها حكم المسجد على ثلاثة أقوال :
القول الأول: أن الرحبة إن كانت متصلة بالمسجد محوطة به فهي من المسجد، وتأخذ حكمه، وبهذا قال محمد بن عبد الحكم، وابن حجر، والقاضي، وأبو يعلى، وبعض الشافعية.
القول الثاني: أن الرحبة ليست من المسجد مطلقاً متصلة أو منفصلة عنه وهذا مذهب الأحناف ورواية عن مالك وبه قال بعض الشافعية والصحيح من مذهب الحنابلة.
القول الثالث: أن رحبة المسجد منه مطلقاً متصلة كانت أو منفصلة وهذا مذهب مالك والشافعي ورواية عند الحنابلة.
دليل أصحاب القول الأول:أراد أصحاب القول الأول أن يجمعوا بين القولين؛ لأن البناء المتصل بالمسجد يعتبر منه ولأنه يجوز للمصلي به أن يقتدي بإمام المسجد فهذه حجتهم.
أدلة أصحاب القول الثاني ما يلي:
1- عن سالم بن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى "البطيحاء"، فقال: "من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعراً، أو يرفع صوته؛ فليخرج إلى هذه الرحبة" والشاهد: "من كان يريد أن يلغط... فليخرج إلى هذه الرحبة" ووجه الدلالة:
أن عمر - رضي الله عنه - بين بمجمع من الصحابة أن الرحبة لا تأخذ حكم المسجد، وهي متصلة به ببناء، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، فلم ينكر عليه أحد، فصار كالإجماع السكوتي، وإذا كان هذا في الرحبة المتصلة بالمسجد فالمنفصلة من باب أولى.
2- قال البخاري - رحمه الله تعالى -: "وكان الحسن وزرارة بن أبي أوفى يقضيان في الرحبة خارجاً من المسجد" فهذا الأثر يدل على أن الرحبة لا تأخذ حكم المسجد، فلا يكره القضاء بين الناس فيها.
أدلة أصحاب القول الثالث ما يلي:
ا- أن الرحبة زيادة في المسجد، والزيادة تأخذ حكم الأصل، فهي كالمسجد.
2- أن الرحبة باعتبارها منفصلة؛ يصح اقتداء المصلي بها بإمام المسجد، إذا كان المقتدي يرى الإمام أو المأمومين أو يسمع الصوت.
3- يصح الاعتكاف في الرحبة ولا يعتبر الخروج إليها بلا عذر مفسداً للاعتكاف وهذا يدل على أنها من المسجد.
---------------------
إن الذي يتأمل مساجد المسلمين اليوم يجدها من جهة الرحبة تنقسم إلى ما يلي:
1- أن تكون الرحبة خلف مصابيح المسجد ليس بينها وبين المسجد جدار فاصل فهذه من المسجد.
2- أن تكون الرحبة في وسط المسجد، وخلفها مصابيح، وأمامها مصابيح، ولا يدخل المسجد إلا منها فهذه من المسجد؛ وسواء فصل بينها وبين المصابيح بجدر أو لم يفصل.
3- أن تكون الرحبة محيطة بالمسجد، ولا يفصلها عن المسجد الجدار الخلفي، ولا يدخل المسجد إلا منها، فهذه من المسجد، لكن لا تصح الصلاة فيها أمام الإمام.
4- أن تكون محيطة بالمسجد من جميع جوانبه، وعليها بناء، ومفصول بينها وبين المسجد بأبواب، فهذه محل خلاف، والظاهر أنها من المسجد.
5- أن تكون قطعة أرض ملاصقة للمسجد ولا بناء فيها، فهي من حريم المسجد، ولا تأخذ حكمه، حتى وإن كانت محيطة به من جميع الجوانب، فيصح اقتداء المصلي بها خلف إمام المسجد بالإمام إذا أمكنته المتابعة، أو رؤية بعض المأمومين.
6- أن تكون قطعة أرض مبنية بسور بينها وبين المسجد طريق، فليست من المسجد على الراجح عند أهل العلم.
ومما تقدم يعلم أن الراجح هو القول الأول والله أعلم ....
اللهم اغفر لنا وارحمنا وتجاوز عنا يا كريم.